"مدينة غير صالحة للسكن" بنسبة دمار90%، بهذه الجملة وصف الإعلام الخارجي مدينة الرقة، بعد الدمار الذي حولها إلى مدينة أِشباح.
وفي ظل الصعوبات والتحديات، خرج أهالي مدينة الرقة بالتعاون مع المجالس المدينة من بين الأنقاض لإعادة مدينتهم المنكوبة، وتحدي ومواجهة كافة الصعوبات.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية بتاريخ 20-تشرين الأول 2017عن تحرير مدينة الرقة بشكل كامل من مرتزقة داعش، والتي كانت تتخذ من مدينة الرقة عاصمة لخلافتها المزعومة.
وفور تحرير مدينة الرقة، باشرت المؤسسات المدينة بترحيل الركام الذي كان يغطي المدينة، والبدء بتأهيل ما دمرته آلات الحرب على كافة المستويات الخدمية.
وبعد خمس سنوات على تحرير مدينة الرقة، أصبحت الملاذ الأمن لكل السوريين، حيث تضم ما يقارب 900ألف نسمة، بالإضافة إلى مايقارب 16ألف نازح، قصدوا مدينة الرقة نتيجة الأمن والأمان الذي تنعم به.
وخلال هذا الملف سنتطرق إلى أهم والصعوبات، والإنجازات والمشاريع التي حققتها المجالس المدنية للنهوض بالمستوى الخدمي والصحي والتربوي والزراعي، بعد خمس سنوات على تحرير مدنية الرقة.
وفي ذات السياق، اجرت وكالة فرات للأنباء (ANF)، لقاءً مع نائب الرئاسة المشتركة في مجلس الرقة المدني، عبد السلام حمسورك، والذي أكد بأن الأعمال الخدمية مستمرة على قدم وساق وسط الإمكانيات المتاحة.
واستهل عبد السلام حمسورك "تم تشكيل مجلس الرقة المدني في عين عيسى بتاريخ 18 نيسان 2017، وبعد اعلان حملة تحرير الرقة كان لابد من تأسيس حملة خدمية لإعادة تأهيل المدينة المنكوبة، وبعد تحرير مدينة الرقة، تم تشكيل مجلس الرقة المدني بكافة لجانه الخدمية لإعادة بناء ما دمرته آلات الحرب".
مضيفاً "وفور تحرير، ودخول مجلس الرقة المدني إلى المدنية، كانت نسبة الدمار مرتفعة جداً بنسبة 95%، حيث عاث تنظيم داعش فساداً في كافة القطاعات التعليمية والصحية والخدمية، وجميع القطاعات تم تدميرها بالكامل".
ولفت حمسورك "بعد خمس سنوات على التحرير، انجزنا الكثير من الخدمات، ولايزال هناك أعمال بحاجة إلى تأهيل، وبفضل جهود العاملين ضمن الإدارة بالتعاون مع الاهالي بدأت ملامح المدنية بالظهور".
تأهيل القطاع التربوي
اندثر القطاع التربوي على يد مرتزقة داعش من خلال تحويل المدارس إلى نقاط ومعسكرات وسجون، فيما دُمرت أغلب المدارس نتيجة المعارك التي نشبت داخل المدينة، وحُرم آلاف الطلاب والطالبات من حقهم في التعليم.
وقال حمسورك "بعد تحرير المنطقة تم تأهيل القطاع التربوي لإعادة 140 ألف طالب/ة إلى مقاعدهم الدراسية ضمن 380 مدرسة، وبكادر متخصص في المجال التربوي 6000 معلم/ة ، ولكن هناك عشرات المدارس المدمرة سواءً بشكل كلي أو جزئي بحاجة إلى ترميم وإعادة تأهيل".
القطاع الصحي
وتحولت النقاط الطبية والمشافي إلى نقاط لمعالجة المصابين من مرتزقة داعش، حيث تعرضت لدمار شبه كلي إثر تخربيها على يد التنظيمات الإرهابية.
وقال حمسورك "منذ خمس سنوات إلى الآن تم تفعيل 4 مشافي عامة، مشفى التوليد والأطفال ومشفى تخصصي للأمراض المزمنة والمشفى الوطني، و30 مركزاً صحي في الرقة وريفها، تابعة للجنة الصحة وبالتنسيق مع المنظمات العاملة في المنطقة، وجميع المنظمات هي بالتعاون مع الإدارة".
الصعوبات والتحديات
وقال عبد السلام حمسورك "نتيجة حبس تركيا لمياه نهر الفرات على المنطقة ، إثر بشكل سلبي على الزراعة في المنطقة، ناهيك عن الحصار المفروض علينا من الجوار، وإغلاق المعابر، وتفشي فيروس كورونا، وانهيار الليرة السورية أمام الدولار".
ولفت حمسورك "بعد تحرير المنطقة، أصبحت مدينة الرقة ملاذ أمن لكل السورين، حيث نزح 16ألف نازح صوب المدينة، وبحسب تقارير لمجلس الرقة المدني، هناك أكثر من 60 مخيم عشوائي في محيط المدينة، مما شكل عبء على الإدارة المدنية".
واشار عبد السلام حمسورك "الرقة مدينة السلام, وداعش حولها إلى ظلام، وعاصمة مزعومة للإرهاب، وبعد التحرير كانت نسبة الدمار كبيرة جداً، ولكن بالإرادة والاصرار وبالتعاون مع الاهالي بالدرجة الأولى تم إعادة الحياة إلى المدينة بجميع قطعاتها الحيوية، وبعد خمسة سنوات على التحرير لن ننسى شهدائنا الذين ضحوا بأغلى ما يملكون لنستطيع العيش بسلام، ولولا دماء الشهداء لما كنا متواجدين حالياً".
وأكد حمسورك "من حق المواطنين المطالبة بحقهم، وبدورنا نقدم الخدمات إلى كافة الأهالي وسط الإمكانيات المتاحة، ونأمل بالعام القادم بأن يكون العمل أفضل ضمن كافة اللجان، ونهدي كل الجهد المبذول لشهدائنا ولعوائل الشهداء".
وحول نسبة الأعمار في المدينة قال حمسورك "نسبة الاعمار متفاوتة، حيث في بداية دخولنا إلى مدينة كان الركام يملئ الشوارع الرئيسية والفرعية، كان موضوع شائك ومعقد، حيث قامت الإدارة المحلية والبلديات على إزالة الركام، فيما كانت المدينة مليئة باالألغام، وبالتعاون مع الأمن الداخلي استطعنا اجتياز هذه المعضلة، وإزالة الركام والبدء بتأهيل المدينة المنكوبة".
وحول تأهيل القطاع الزراعي قال عبد السلام حمسورك "نسبة الزراعة جيدة بالنسبة للسنوات الفائتة من تقديم البذار والمحروقات والسماد".
واشار حمسورك "كل اللجان في حالة تحدي دائم، نسبة الدمار كانت كبير جداً، نحتاج إلى دعم حقيقي وبالأخص الدعم الدولي والسياسي لردع التهديدات التركية على المنطقة، في ظل التهديدات هناك قلق دائم، مما يعكس سلباً على جميع الاعمال الخدمية في المدينة وريفها".
واختتم عبد السلام حمسورك "اهالينا متشبثين بأرضهم، وهذا الأمر لا يروق للدولة التركية والحكومة السورية، مشروع الإدارة الذاتية هو المشروع الأمثل في الشرق الاوسط، وتُعد بذرة الديمقراطية والعيش المشترك، كل هذه الأمور تقلق الحكومات الديكتاتورية، والسلطنة العثمانية، وحلم ارودغان بان يحكم جميع المناطق وصولاً إلى اليمن، وبعد انطلاق الثورة السورية، لا يزال فكر الحكومة السورية صلباً، من خلال عدم الاعتراف بحقوق المكونات السورية، فقط يطلق الشعارات الفضفاضة، ولا يتنازل ويعترف بحقوق المواطنين السوريين، وفي مناطق الإدارة الذاتية يتم الاعتراف بجميع المكونات".
تأهيل الجانب الخدمي
وصلت نسبة إعادة الإعمار في الأبنية المدمرة إلى أكثر من 50% بالإضافة إلى عودة مياه الشرب إلى 95% من مدينة الرقة وريفها، وعودة الكهرباء في الريف إلى 100% من القرى و80% في مدينة الرقة.
وتركزت معظم المشاريع على إعادة تأهيل محطات مياه الشرب والكهرباء والصرف الصحي وإزالة الركام والتي وصلت كميته إلى 2ونص مليون متر مكعب بالإضافة إلى تعبيد الطرقات وإعادة تأهيل شبكات الإنارة والأرصفة وشوارع المدينة.
ناهيك عن تأهيل وبناء الجسور والعبارات التي تصل المدن ببعضها البعض، ففي عام 2022 تم إنشاء 9عبارات صندوقية في أرياف الرقة منها يقع على قنوات الري والمصارف الزراعية، فيما بلغ عدد الجسور التي تم انشائها إلى 16جسر وعبارة، وكان أهمها جسر الرقة العتيق الذي كان يربط مدينة الرقة بريفها الجنوبي.
وضمن عام 2022 تم أطلاق 89 مشروع حيوي ضمن الرقة وريفها بالإضافة إلى مشاريع تعبيد الطرق التي تم تخصيص 8ألاف متر مكعب للمدينة و10ألاف متر مكعب للريف، وتم تنفيذ 75%منها، وذلك بحسب لجنة الإدارة المحلية والبلديات في مجلس الرقة المدني.
وبدورها قدمت بلدية الشعب في الرقة التسهيلات في إعادة الإعمار منذ تأسيسها في عام 2018 إلى يومنا هذا من حيث تقديم رخص البناء وإطلاق مشاريع البنى التحتية، حيث بلغ عدد رخص البناء المقدمة لأهالي الرقة 300 رخصة، و1200 رخصة منها لأبنية كانت مدمرة بشكل كامل بدون رسوم مالية ، و1800رخصة لأبنية جديدة.
النهوض بالواقع الزراعي
وتشتهر الرقة بتعدد أنواع الزراعات واختلاف المحاصيل إن كانت مروية أو بعلية، فيما يعد القمح والقطن والذرة الصفراء من أهم الزارعات الأساسية بالإضافة إلى الأشجار المثمرة والخضروات.
وعملت لجنة الزراعة والري بمجلس الرقة المدني على إعادة تأهيل كافة مضخات الري التي بلغ عددها 24 مضخة، استطاعت لجنة الزراعة على إعادة تشغيل جميع مشاريع الري في الرقة، وري جميع المساحات المروية، وبلغت المساحات المروية على مشاريع الري 93ألف هكتار، وبلغت مساحات الأراضي المروية التي تقع على سرير الأنهار والمصارف الزراعية 190ألف دونم، وعن طريق الآبار الارتوازية 140ألف دونم.
وبلغ إنتاج مدينة الرقة من القمح في موسم 2022, 120 ألف طن، وموسم القطن للعام 2021، 25ألف طن، أما الذرة فوصل إنتاجها لعام 2021إلى 75ألف طن، وتشجيعاً على زراعة الذرة الصفراء عملت شركة تطوير المجتمع الزراعي في مدينة الرقة على إعادة تأهيل مجفف الذرة الصفراء بطاقة تجفيف تصل إلى 1800طن بشكل يومي، وذلك بحسب مكتب الإرشاد في لجنة الزرعة والري في الرقة.